الخيانة والغيرة.. أقوى الأسباب التي تؤدي إلى هزيمة الحب وبالتالي انهيار الحياة الزوجية.. وعندما ظهرت الإنترنت قبل سنوات لم تتوقع أي امرأة أن تتحول هذه الوسيلة الإلكترونية إلى أداة سلبية في أيدي أزواجهن الذين حولوا الإنترنت إلى وسيلة للخيانة؛ مما أدى إلى إثارة غيرة زوجاتهم.
فجلوس الرجال لساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر لمتابعة المواقع الإباحية، أو الدخول في دردشة مشبوهة.. يثير حفيظة الزوجات، وبالتالي تتحول الإنترنت بالنسبة لهن إلى عدو وخطر يهدد حياتهن الزوجية.. وليس الزوج وحده المتهم بممارسة الخيانة الإلكترونية.. ولكن الزوجة أيضا في قفص الاتهام.
دردشة مدمرة
حاولنا معرفة بعض الآراء والقصص التي وقعت بالفعل، ولعب الإنترنت دورا رئيسيا في حدوث "الخيانة الزوجية الإلكترونية".. فتقول هايدي إبراهيم -بكالوريوس إعلام-: "تزوجت إحدى صديقاتي بعد قصة حب قوية، ولكن شبكة الإنترنت هزمت الحب وانتصرت عليه في النهاية؛ فبعد أشهر قليلة بدأت الزوجة تلاحظ انشغال زوجها بالإنترنت، خاصة في ساعات الليل المتأخرة؛ فبدأت تشك فيه، ولكنها لم تصارحه بشيء. غير أن الأمور لم تقف عند هذا الحد؛ فعندما عادت ذات ليلة إلى بيتها بعد زيارة أسرتها وجدت امرأة في منزلها مع زوجها، وعندما طلبت منه تفسيرا لوجودها في البيت، اعترف لها أنه تعرف عليها منذ عدة أشهر من خلال أحد مواقع الدردشة، لم تتحمل الزوجة هذه الخيانة المبكرة، وانتهى الأمر بالطلاق".
مدمن الإنترنت
أما قصة "نهى" -طالبة جامعية- فهي تؤيد كلامنا عن الخيانة الإليكترونية؛ فقد اكتشفت أن خطيبها مدمن إنترنت، وأنه أصبح يقضي ساعات طويلة أمام الكمبيوتر، وحتى تطمئن على سلوكه حصلت في سرية على كلمة السر الخاصة بجهازه، ودخلت بريده الإلكتروني، وكانت المفاجأة أنها وجدت عشرات الرسائل الغرامية التي يتبادلها خطيبها مع فتيات من دول عربية وأجنبية، وعندما صارحته بذلك لم ينكر، ولكنه عاهدها بعدم العودة إلى ذلك مرة أخرى، والإخلاص لها وحدها!!
الإنترنت داخل المحكمة
وعلى العكس تماما؛ فإن السطور التالية جعلت الإنترنت عدوا للرجل أيضا؛ فالأحداث انقلبت إلى النقيض، وأصبحت المرأة في دائرة الاتهام..
فقد تداولت المحاكم المصرية منذ عدة أشهر قضية غريبة، تتعلق بأسرة مستقرة منذ 10 سنوات، دخلت الإنترنت حياتها لتهدمها! فقد كانت الزوجة تجلس أمام الإنترنت لساعات طويلة، وبسبب ذلك أهملت بيتها، ولم تعد تدخل المطبخ كثيرا، وكانت في الليل تمشي على أطراف أصابعها لتدخل حجرة الكمبيوتر، وتغلق الباب على نفسها، وقد اكتشف الزوج صدفة الرسائل التي تتلقاها زوجته عبر البريد الإلكتروني؛ فبدأ يراقبها حتى شاهد رجلا يخرج من شقته مسرعا بعد أن دخلها، وبسبب ذلك أقام الزوج دعوى زنا ضد زوجته أمام القضاء، واستشهد بالرسائل الإلكترونية التي كانت تتلقاها، ورغم أن المحكمة لم تأخذ بهذه القرائن.. فإن الأسرة الهادئة تحطمت، وانهارت بسبب الإنترنت.
الزوجة الثانية
أما حسناء منصور -ربة منزل- فتقول: "لم أعد أحتمل اهتمام زوجي الزائد بالإنترنت التي أعتبرها زوجته الثانية وضرتي الحقيقية. والمشكلة أن زوجي أصبح يمنعني من معرفة ماذا يفعل أمام جهاز الكمبيوتر، وإذا سألته عما يفعل يتوتر ويثور وينهرني بشدة، كما لم يعد لديه وقت لأولاده؛ مما أثار غيرتي من هذا الاختراع. لقد فشلت كل محاولاتي لإعادته إلى حياته الطبيعية معنا، وأصبح مستقبلنا محفوفا بالمخاطر".
الإنترنت عدو الجهلاء
وتعليقا على الخيانة الزوجية من خلال الإنترنت تقول الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس بمصر: "الإنترنت ما زالت شيئا جديدا على عالمنا العربي، دخلت بسرعة إلينا؛ لذا فهي موجودة بصورة منتشرة؛ لأنه كما يقال عليها: لغة العصر. ولا نستطيع أن نقول على الإنترنت إنها شيء ضار؛ فهي مثل كل شيء في الدنيا له إيجابياته وله سلبياته؛ فهي مثل التليفون قد يستخدم في إخبار شيء مهم، وعلى العكس قد يستخدم في المعاكسات. فالإنترنت لها جانب إيجابي مثل تناقل المعلومات والتسلية، ولها جانب سلبي وهو ما نتحدث عنه هنا.
والمشكلة تتلخص في أننا في مجتمعنا نستخدم الشيء بصورة سطحية، ونعتقد فقط في الجانب السلبي منها، وهذا مثل الخيانة على النت والشات في مثل هذه الموضوعات، والسبب في ذلك أننا سنأخذ وقتا حتى نستوعب كل شيء جديد علينا، ربما تكون عشرات السنين؛ فنحن لا نتعلم بشكل صحيح".
وعن تعليقها على ما ذكرناه قالت: "الإنترنت -كما قلت- شيء جديد، وهذه القصص تعكس الجهل بالتكنولوجيا، ولا يمكننا أن نطلق عليها: ظاهرة؛ فليس الجميع يستخدم الإنترنت في مثل هذه الأمور، ولكن يمكننا هنا أن نقول: إن الإنترنت عدو الجهلاء، والإنسان العاقل هو الذي يستخدمها في شيء مفيد، أما في غير ذلك فتكون الإنترنت عدوا للمرأة الجاهلة والرجل الجاهل".
مشكلة طارئة
بينما ترى الدكتورة آمال هلال -خبيرة علم النفس- أن "التعامل مع الوسائط الإلكترونية له أهمية من حيث توسيع مدارك الفرد المدنية، ومواكبة التطور في العالم، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية. أما العالم العربي فهناك نظرة غير سوية لهذه الوسائط؛ فهناك استخدام سيئ لها من جانب قلة؛ مما يؤدي إلى فساد الأخلاق، هذا الاستخدام يتمثل في الحديث عن الجنس والخيانة وغيرها.
هذا الاستخدام الخاطئ يؤدي إلى آثار سلبية لو زاد عن حده؛ فهناك أولا أضرار على الفرد، سواء صحية أو نفسية مثل فقْد القدرة على تمييز الصواب، والتحاور مع الآخرين، وهذا يؤدي بدوره إلى الهروب من المشكلات الأسرية؛ فالزوج مثلا يهرب من زوجته وأولاده إلى الإنترنت، وهذا ينعكس سلبا على المرأة.
وللعلم فالمرأة العربية لا تخلق مجالات تشغل بها وقتها، وبالتالي فإن الزوج والأسرة هما المكان الوحيد الذي تستطيع فيه المرأة أن تنفس فيه عن نفسها، فإذا كان الزوج يهرب إلى الإنترنت فإن المرأة ستشعر وقتها بفقدان الاهتمام بها، وتشعر كذلك بأنها كيان مهمل؛ مما يعمل على زوال الدفء الأسري؛ مما يؤدي إلى انعزالها هي الأخرى عن زوجها.. وبذلك تكون لدينا حلقة مفرغة؛ فبعض الزوجات يعتبرن الإنترنت زوجة ثانية لأزواجهن؛ مما يؤدي إلى الشعور بالغيرة، وهذا نتيجة الفتور الأسري؛ لذا فعلى الزوجة أن تحاول أن تجذب الرجل إليها مرة أخرى، ولا تشعره بأن دخوله إلى منزله يعني دخوله إلى عالم من المشكلات؛ مما يؤدي إلى هروبه إلى عالم الإنترنت.
وتضيف د.آمال: إننا بالفعل أمام مشكلة طارئة على الأسرة العربية، لكن لا أعتقد أنها تصل حد الظاهرة؛ فالثقافة العربية لها طعم مختلف، كما أننا كعرب نملُّ بسرعة؛ فالإنترنت حاليا ما زالت اكتشافا تحيط به بعض المشكلات، لكن سرعان ما يظهر شيء جديد غيرها، وبالتالي تظهر لها مشكلات جديدة.
وتنصح د.آمال كذلك الأم بأنها يجب أن تكون واعية لاستخدام أبنائها للإنترنت؛ فعليها أن توجههم إلى مجالات ونشاطات أخرى، وعليها أن تكون موجهة أيضا لأبنائها في كيفية التعامل مع الإنترنت؛ فهذا سوف ينعكس على الطفل نفسه عندما يكبر ويتزوج ويصبح زوجا عليه مسئوليات؛ فسيكون وقتها تعامله سليما مع الإنترنت