جميلة
قصة: بيان الصفدي
دمشق
جميلة ..طفلة تشبه اسمَها، هي طفلة جميلة من "غزة"..متفوِّقة في دراستها.
وكلما سألها أحد:
- ماذا تريدين أن تصبحي في المستقبل؟
تجيب:
- سأصير مذيعة في التلفزيون. . إنه عمل مدهش أحبه كثيراً،وسأصبح مشهورة ومحبوبة من الناس.
جاءت أيام رهيبة، كلُّ ما فيها قاس ٍ ومتوحش، فقد بدأ الصهاينة هجومهم على مدينتها الغالية.
جاع الناس وعطشوا، وباتوا بلا إضاءة ولا وقود في ليل البرد القارس، وصبَّ العدو فوق رؤوسهم أطناناً من البارود والنار والدخان، غير الرصاص والقنابل والصواريخ .. وأكملوا بالحصار القاتل أيضاً.
بينما كنت أشاهد التلفزيون.. شاهدت جميلة، لم تكن قد صارت مذيعة على ما أعتقد!!.. لكنني شاهدتها تتحدث بهدوء، وابتسامتها الكبيرة تزيـِّن الشاشة الصغيرة، كانت تتحدث، فهل صارت مذيعة في برامج الأطفال مثلاً؟
لا.. لم تصبح مذيعة بعد!.. لاحظت أنها تجلس على سرير في مشفى.. لقد فقدت ساقيها.. هذا ما كان واضحاً، لقد أصابتها شظية قذيفة، وكانت تتحدث عن ذلك!
كانت تتحدث، وتبتسم، وتتحدث وتبتسم، يا لها من شجاعة بطلة!!
سألتها المذيعة:
- ما ذا تريدين أن تكوني في المستقبل يا جميلة؟
فأجابت وهي تبتسم:
- مذيعة في التلفزيون!.
إنها جميلة، الطفلة الجميلة من غزة، أنا متأكد أنها ستظل تحلم.. وتبتسم، وتحلم.. وتبتسم، ولن تتوقف عن أحلامها.